يناير 2019
يركز العدد الافتتاحي من مجلة دبي للسياسات، على موضوعٍ محوري تحت عنوان "سياساتٍ عامة لمستقبلٍ رقميّ". فهو يسلط الضوء على بُعدٍ بالغ الأهمية من السياسات العامة في عالمنا المعاصر. فلدى تصفحك لمقالات هذا العدد الثرية بالرؤى المحفزة للفكر، ستلحظ أنها توَلّف معاً صورةً واحدةً مقنِعةً لما ستبدو عليه الحكومات مستقبلاً. إن التغيرات سريعة الوتيرة التي يمر بها العالم في عصر الحوكمة الرقمية والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية، تُحوّل وبشكل جذري مفهوم "القوة" اليوم (يكتب ناي في مقاله)، وتعيد تعريف طبيعة "القيادة" (يؤكد لينسكي ودرابيه)، وتبعثر أوراق الأولويات التنموية (يشير ساكس). وجميع هذا يؤدي إلى استفحال حالةٍ مستمرةٍ من التحديات "الخبيثة" (تحذرنا فونتين)، ويغيّر أُسُس التفاعلات ما بين المواطنين والحكومات (يذكّرنا مادلين)، كما يغيّر تماماً الفكر السائد عن معنى "الابتكار العام" (كما تثبت لنا بورغون). لكن القصة لا تنتهي هنا، بل أن هذه التحوّلات تحدث والحكومات واقعة تحت ضغطٍ متصاعدٍ يدفعها لتصوغ توجهاتٍ وردودٍ تلائم سياق كلٍ منها، لضمان جودة الحكومة وتحقيق الرفاهية والسعادة للمجتمعات التي تحكمها (كما يوضح محبوباني)، ولاتخاذ مبادرات جريئة تواجه فيها الدورات الاقتصادية المتقلبة (حسب مقال سعيدي). ومع ذلك، تساهم هذه التحولات ذاتها إيجابياً في تسريع ورفع قدرة التحوّل الرقمي للحكومات على تحقيق التنمية المستدامة (حسب إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية)، وتخلق فرصاً جديدة لتطبيق مبدأ الحكومات المفتوحة في المنطقة (حسب الإسكوا)، وتوسع الآفاق وتمهد الطريق أمام نشوء اقتصادٍ رقمي في المنطقة (يؤكد البنك الدولي)، كما تمكّن الحكومات من تطبيق ابتكاراتٍ واسعة التأثير كردودٍ على هذه التحديات الناشئة (تبشرنا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية). إن التوصيات الموجهة لصناع السياسات وممارسيها التي يحتويها كلٌ من المقالات الثرية التي يضمها هذا العدد، تعد ثروة من النصائح المجربة، والمدعمة بالإثباتات، والقابلة للتنفيذ، نضعها في متناول القيادات الحكومية بشكل ميّسر وجذّاب.