فبراير 2020

ينطوي العدد الثاني من مجلية دبي للسياسات على إسهاماتٍ قيّمة، توضح الرابط الوثيق بين التنمية المستدامة من جهة والمدن الذكية والتنمية الرقمية من جهة أخرى. فأي فشلٍ لنموذج المدينة الذكية سيؤدي إلى خسارةٍ فادحةٍ لفرصٍ تنموية، قد تؤدي إلى وقوع اضمحلالٍ حضريّ ومجتمعي (تحذّرنا باردو في مقالها). إلا أن تقييم مدى نجاح المدن وقياس مستوى أدائها نحو المستقبل يعتبر عمليةً معقدةً للغاية، قد تنحو بنا إلى مساراتٍ مختلفة (يؤكد لانفين). وبما أن الواقع يشير إلى أن المدن سرعان ما ستصبح الحاضن الرئيسي لمعظم سكان العالم، فإن كنا جادين في مسعانا "ألا نغفل أحداً" في التنمية، فإن المدن التي تصبح "أذكى"، لكن بشكلٍ تقل فيه قدرة قاطنيها على الوصول إلى مرافقها، هي بمثابة خطوة للوراء تعيق تنفيذ العديد من أهداف التنمية المستدامة (ينبّهنا بينيدا وبواتييه). وقد أضحت الدول العربية تَعرِف اليوم موقفها بكل دقةٍ من أهداف التنمية المستدامة؛ كأيها يحتاج تحقيقه بذل المزيد من الجهود، وماهيّة البيانات المحلية التي علينا جمعها، وكيفية تحديد أولوياتنا في هذا الصدد، علاوةً على ضرورة وحتمية التنسيق فيما بيننا (تثبت لنا لومي). وأمامنا العديد من الدروس من شتى دول العالم حول هيكليات الحوكمة الجديدة ومقاربات السياسات المبتكرة التي يمكننا أن نحذو حذوها (يكتب فيسون، ليندبرغ وموراليس، من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية). علماً أن تحقيق تقدمٍ في درب مستقبلٍ مستدام، أمرٌ يستلزم اتخاذ خطوات تحولٍ اقتصاديّ لا تخلو من الصعاب والآلام (يذكّرنا أرزقي من البنك الدولي). وهي غايةٌ تحتّم تبنّي نهج حوكمةٍ مرنٍ، وتحمل خطوات مؤلمةٍ للتجاوب مع التغيرات الاجتماعية الملحّة في العصر الرقمي (يكتب سانتيسو من بنك التنمية في أمريكا اللاتينية). وهنا، نكون بحاجةٍ إلى أدوات سياساتٍ متكاملة قادرة على دعم إنتاج أثرٍ وقيمةٍ حقيقيتين، وقياسهما في منظومة صنع السياسات التي لا تخلو من التعقيد (يوضح لنا أندروز وسامجي). لكن الحكومات لن تتمكن من قيادة تلك التحولات الكبرى بمفردها، وخاصةً في ظل التحديات الهائلة التي تواجه منطقتنا. إنها بحاجة إلى تمكين القيادات المجتمعية والتعاون مع رواد التغيير القادرين على والراغبين في تنفيذ تلك التدخلات التنموية واسعة النطاق (توضح جلبوط). ونجد على المستوى الاستراتيجي أن حكومات دول المنطقة بحاجة إلى أجندة تنموية شاملة جوهرها التحول الرقمي (يكتب الشربيني من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا). ولسوف يعتمد شطرٌ كبيرٌ من تلك الأجندة على بناء اقتصادٍ رقمي قادر على التصدي لتحديات المستقبل، ومستوعِبٍ لمقتضيات حقبة اقتصاد المعرفة (يشير الخوري). على أن الدول الساعية إلى تنفيذ تلك الأهداف التنموية الطموحة يلزمها تحديد الصيغة والسياق الملائم لكل منها، حتى يتسنى لها التبني الناجح لنهجٍ يعتمد التحولات المبتكرة، كالحوكمة الرقمية التي تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتستند إلى البيانات في عملها (يكتب الظاهري).